منتدى فرفش وطنش
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شامل


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

لحظة واحدة قبل النهاية

3 مشترك

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

1لحظة واحدة قبل النهاية Empty لحظة واحدة قبل النهاية الخميس أغسطس 02, 2007 3:36 pm

الغامض

الغامض
عضو فعال
عضو فعال

قصة ، من : مشهور البطران

كان يعرف انه يخوض رهانا خاسرا مع الموت منذ أن حمل البندقية والتحق بالمقاومة،لكنه موت مؤجل مرهون بمهارته في الانتحاء والتنقل الدؤوب من مكان لآخر.لم يُعْرف له مكان ثابت على وجه الدقة،بل كان يتنقل بين القرى المنكوبة بزي بائع جوال يحمل على ظهره السجاجيد وصرة فيها ألعاب أطفال،لكنه أحب التجوال في المدينة،هو قال ذلك،ثمة أشياء مغرية في الأسواق:الفواكه المعروضة على العربات، مواويل الباعة،الصبايا المتسوقات،أيضا أحب السمر في مقاهي المدينة،وعشق أحاديث الحب والسياسة:
-"هل كل ذلك سيذهب أدراج الرياح؟،تبا لهذه الحياة ما أقذرها،رصاصة واحدة بحجم حبة الفول تضع حدا لكل هذه الذكريات."

فتح زجاج النافذة واشرع صدره للريح،ثمة طائرة تحوم في السماء.قال لرفيقيه الجالسين معه في السيارة:-"إن أسوأ ميتة يمكن أن تواجه الإنسان هي القصف من الطائرة،لا يمكن أن أتخيل أن الجسد الإنساني المتناسق يصير بهذه السهولة أشلاء منثورة."

والآن دنت النهاية التي كان يترقبها منذ سنتين تقريبا،هذا الإحساس راوده بينما كان أزيز مراوح الطائرة يهدر فوق رأسه مختلطا بصدى رجع التحذيرات المنطلقة من الشرفات البعيدة،لقد ظل مسيطرا على نفسه بل ظل على يقين ما أن كل شيء حوله واقعي رغم أن القذيفة الأولى خلعت سقف السيارة التي يستقلها وربما أن احد رفاقه مات،كان على يقين أن لحظات أخرى ما زالت أمامه كافية ليستعيد صدى الأيام البعيدة وحتى يتأكد من صدق ظنونه شرع في استنفاذ تلك اللحظات ،فتح مزلاج السيارة وأطلق ساقيه للريح، التفت خلفه ملقيا نظرة الوداع الأخيرة على رفيقي عمره اللذين تفحما تقريبا بلهب القذيفة الثانية.

الطائرة ما زالت تحوم حول رأسه يكاد عصف مراوحها يخلعه من جذوره،وفيما كان يسابق قدره تراءت له كل تلك الصور البعيدة التي لم يفكر بها قط حنى في احمل لحظات عمره،كأنه قضى كل هذا العمر في انتظار هذه اللحظة وعندما دنت فعلا أحس بطمأنينة وراحة ضمير وتلاشى الخوف من نفسه، ولم يشعر طوال حياته انه امتلك شجاعة تضاهي شجاعته الآن وهو في مواجهة مع الموت،كانت عيناه مصوبتين إلى ربوة عالية، أحب أن يلفظ آخر أنفاس شبابه في تلك الربوة، حيث من هناك يطل على الكون من حوله وهو يتضاءل، وصل إلى حيث أراد ، استلقى على ظهره فرأى كتلة الفولاذ الطائرة تلقي آخر حممها فأغلق عينية على نور الأبدية ونطق آخر كلماته:-"ربي امنحني الشجاعة كي أموت قويا." 24/11/2001


الزيارة

…أخيرا قبلت مذلة الإذعان لسلطة الموت،تلك الحقيقة التي أبت أن ترضخ لها طوال ستة اشهر مضت على رحيله؛عندما جاءوا به ذات ليلة غائرة النجم من ليالي أيلول الباردة،ممزقا وملفوفا في حصيرة من القش،وضعوه في صحن دارها،ومن حوله النائحات يقددن أثوابهن حزنا وأسفا.

لم تشأ يومذاك أن تصدق أن الجسد الممدد في رحاب الموت هو جسد ابنها،ذلك أنها تفقدته بوصة بوصة على نور المصباح المرتعش في الرواق دون أن تجد أي اثر لذاك الجسد الرائع المتناسق الذي خبرته طوال أكثر من عقدين ونصف من الزمن،ولم تجد الوشم الأخضر للحرف الأول من اسم حبيبته على ذراعه الذي له خشونة خشب البلوط،ولا الشعر الأشقر النابت على صدره العريض،ولم تر ربيع العمر في وجهه الصبوح،لم تر أي شيء من تلك الإمارات التي خبرتها عندما كانت تحممه أيام صباه،فكان أن أجمعت أمرها وقالت بكامل الثقة وهي تعتقد أنها تمسك زمام عقلها أكثر من أي لحظة أخرى:

"هذا ليس عبد الله".

مع ذلك ناحت عليه مع النائحات،وقددت ثوبها حزنا وأسفا،وودعته كما يليق بشهيد من أبناء هذا الوطن،وعقدت العزم على الكفاح دون ملل ضد واحدة من أعتى نكبات الزمن،على هذا النحو ظلت تنتظر غائبها الذي لن يعود،ممنية نفسها -يوما بعد يوم- أن يدخل عليها البيت ويلقي عليها تحية المساء،ظلت تفرش له بجانبها وتنتظره وحيدة في شرفة اماسيها الطويلة،وفي الليل كانت تصحو من سباتها وهي تحدثه عن حكايات الشاطر حسن،ثم تكتشف أنها كانت تتحدث إلى أشباح صنعتهم من وهم خيالها ومن شطط أفكارها آلاتية من بروق الذاكرة الموجوعة.

مع توالي الأيام بدأ يتوطن في قرارها المهزوز المعنى الحقيقي للقطيعة والهجران،كانت تجد نفسها وحيدة في الليل تبكي بلا ضجة ثم لا يلبث أن يتحول نشيجها المكتوم إلى نواح رهيب تهتز له أنحاء الدار،على هذا النحو بدأت تشعر بالضِعَة والانحطاط المعنوي،حتى اقتنعت أخيرا أن أمانيها عصية على التحقيق،ولكن بعد أن عركها الحزن وهدت قواها حمى الانتظار وشاخت ولم يبق منها سوى الجلد والعظم،وهكذا بدأت تتجرع هزيمة الاعتراف بسلطة الموت بعد ستة اشهر وثلاثة أيام على رحيله.

حضرت نفسها منذ عشية الأربعاء لزيارة قبره للمرة الأولى،باتت تلك الليلة تترقب انطواء آخر فلول الظلام،وصحت من نومها عدة مرات على فوضى البنادق وصيحات المحتلين الهائمين في الزقاق،وفي كل مرة تصحو فيها كانت تذهب إلى النافذة وتطل على الزقاق فيتراءى لها وجه الجندي الكامد في ضوء المصباح المغبش مثل بصاقة تشق طريقها في الوحل.في الصباح خرجت من الحوش ملتفة بملاءتها السوداء ،كما يليق بأم هبطت عليها الرزايا،عبرت طرقة الحوش المظلمة متشحة بالسواد،أضاء وجهها في ضوء الشفق فتبددت عتمة السرداب.بعد أن تخطت عتبة الحوش بأمتار قليلة أدركت على وجه اليقين أنها نسيت شيئا ما؛فعادت –تماما مثلما كان يفعل –وقطفت غصنا ريانا من تعريشة الصفصاف الغافية في زمهرير الساعة السابعة،ثم مشت إلى عرين الموت؛الملاذ الأبدي لوحيدها الغائب في زحمة القبور.في الطريق أرعدت الدنيا،وانهمر مطر ناعم خفيف،تطلعت إلى السماء المتعالية فرأت سرب طيور تعبر سماء الوطن،انتابها شعور غامض :"أن وطأة الحنين للغائبين اشد إيلاما من التصديق أنهم لن يعودون".

كان الزقاق موحلا مزدحما بالكراكيب التي جرتها سيول الأربعاء المطير،عندما شارفت قبره أدركتها الشفقة والوهن،فقد وجدته مصدعا كئيبا بفعل الأمطار،ومن حوله تمزقت زهور خميس الموتى الذابلة ،جثت أمام الشاهد ضارعة مبتهجة وتربعت في جلستها ثم أخرجت من عبها غصن الصفصافة الريان وغرسته في قبة القبر الرطبة وعادت من حيث أتت مبتهجة يلفها شعور عامر بالطمأنينة.

الخليل/فلسطين

الغامض

2لحظة واحدة قبل النهاية Empty رد: لحظة واحدة قبل النهاية الخميس أغسطس 02, 2007 6:01 pm

THE FREE MAN

THE FREE MAN
ملك/ة المنتدى
ملك/ة المنتدى

لا تعليق

كلام جميل جداااااااااا.....................

3لحظة واحدة قبل النهاية Empty رد: لحظة واحدة قبل النهاية السبت أغسطس 04, 2007 12:45 am

العاشق المجنون

العاشق المجنون
ملك/ة المنتدى
ملك/ة المنتدى

عن جد كلام حو
وموضع ائع متل كاتبو

4لحظة واحدة قبل النهاية Empty رد: لحظة واحدة قبل النهاية الإثنين أغسطس 06, 2007 2:08 am

THE FREE MAN

THE FREE MAN
ملك/ة المنتدى
ملك/ة المنتدى

طبعاااااااااااااااااااااااا

والله كلام رائع

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى